01 يوليو 2009

التخابر الناعم

يمكن تعريف مصطلح التخابر الناعم، و ذلك حسب مفهومي الشخصي، على أنه عمليات مخابراتية تقوم بها دولة ضد دولة أخرى و لا تستهدف الجوانب العسكرية. إنها فقط تستهدف عمليات تقويض استقرار الدولة المستهدفة و سلامتها دون قتال مباشر، أي يمكن وصفها بعمليات أسفل المنضدة.

تقوم دول كثيرة بمثل هذه العمليات و على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، و هو ما تدعيه الدول المستهدفة " تدخلاً في شئونها الداخلية ". إن التاريخ الأمريكي مفعم بأحداث التخابر الناعم، حيث دعم الانقلابات و تأجيج الانقسامات داخل الدول المستهدفة. قد تكون تقارير انتهاكات حقوق الإنسان التي تصدر عن الخارجية الأمريكية سنوياً إحدى وسائل التخابر الناعم؛ حيث يدل محتواها الذي لا يمكن أن يتم تجميعه صدفة على وجود عملاء و موردي معلومات مخلصين في الدول المستهدفة، و التي في بعضها قيود حديدية على حركة و تداول مثل هذه المعلومات.

تعجبني كثيراً التجربة الصينية في مجابهة عمليات التخابر الناعم الممارسة من قبل الولايات المتحدة عليها، حيث قامت بدورها باصدار تقرير سنوي خاص بها حول حقوق الانسان في العالم و ضمنته بالطبع أوضاع الولايات المتحدة. أيضاً تجربة كوريا الشمالية، تستحق الاعجاب، من خلال نجاحها في تزييف متقن للدولار الأمريكي و توزيعه عالمياً، الأمر الذي لا يمكن حدوثه ببساطة لولا وجود فعل التخابر الناعم.

البلدان العربية يبدو أنها فقدت القدرة على مقاومة زخم التخابر الناعم الممارس من قبل الولايات المتحدة و الغرب ضدها، و تبدو دائماً بصورة المتمترس العاجز خلف حصون آيلة للسقوط. الأكثر أهمية، أنه لربما ليس فقداناً للقدرة، بل يمكن وصفه بأنه فقداناً للرغبة في مجابهة التخابر الناعم بآخر في الاتجاه المضاد. إن الولايات المتحدة الأمريكية ليست محصنة ضد نتائج التخابر الناعم من فرض القلائل و الاضطرابات داخل تركيبتها المتنوعة و المختلفة من الأعراق و الثقافات و الولايات و التي يمكن أن تمثل كلاً منها دولة كاملة بكافة المعاني لكلمة دولة. يجب البدأ في تنفيز ذلك قريباً حتى نستطيع مجابهة ذلك الزخم الهادم و عندها ينطبق القول الدارج في العامية المصرية " سيب و انا اسيب " أو كقول الشاعر النابغة الذبياني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


بحث مخصص