قد يبدو هذا الكلام الذي أتناوله غريباً و شاذاً عن السياق العام، و لكن هذا ما قد يبدو عليه. كثيراً ما تطالعنا وسائل الاعلام المقروء منها و المرئي و حتى المسموع ببرامج و حلقات مطولة عما يجول في ساحة المجتمع العلمي عن موضوع الاحتباس الحراري و ارتفاع حرارة الأرض و نظرية الصوبة الزجاجية و ما يرتبط بكل ذلك من مخاطر على حياة البشر على الأرض و سكان دلتا الأنهار و حتى الدب القطبي الأبيض. كل ذلك الحديث ينصب و يتمحور - و أعتقد أنكم قد تتفقون معي في هذه - حول دور غاز ثاني أكسيد الكربون في هذه العملية و اعتبار ذلك نتيجة لاستخدام الوقود الحفري المتمثل في النفط و الفحم و الغاز وذلك على مدار عقود طويلة.
عند التمعن و النظر ببعض التعمق في هذه الحوارات و الأفكار حول هذه القضية و التي ما ان صحت فرضياتها تعد شيئاً بالغ الخطورة؛ يمكننا استخلاص التالي:
- أغلب التركيز و التناول ينصب على ثاني أكسيد الكربون و ما يرتبط به من استخدام النفط و الفحم الحجري، و ينحصر أو حتى ينعدم تسليط الضوء على ملوثات أشد فتكاً و خطراً و منها ما يشترك مع ثاني أكسيد الكربون في نظرية حبس الحرارة.
- تناسي مبدأ علمي يعد أساس من اساسات العلوم الطبيعية و هو مبدأ ثبات المادة و هو أن المادة لا تفنى و لا تستحدث إلا بأمره سبحانه و تعالى.
- غض النظر عن نظريات الاتزان الديناميكي و قصور النماذج الموضوعة لاستقراء اسباب و نتائج الاحتباس الحراري و تجاهل حقيقة كون كوكب الأرض من أعقد و أحكم الأنظمة المتزنة ديناميكياً.
أولاً دعونا نبدأ من النقطة الأخيرة. إذا ما قلبتم في ذاكرتكم و ما ترتبط به بشيء مميز عن كلمة الاحتباس ( تفضل بالاطلاع في بحث صور جوجل global warming ) الحراري أعتقد انه ستقفز في مخيلتكم صوبة زجاجية و شخص رافع مع القبض المعتدل كف يده الأيمن فوق كف يده الأيسر المفرود و هو يتحدث عن الصوبة و الشمس و الحر الخ، و يا حبذا لو كنت ممن كان لهم شرف تجربة الدخول في صوبة سواء زجاجية أو غيرها فسوف تتذكر على الفور الرطوبة المرتفعة و الدفيء و يجوز العرق. هنا اسمحو لي أن أطرح شيء مباشر لا يمكن إطلاقاً لا من قريب أو بعيد تشبيه أو استقراء ما يحدث في صوبة زجاجية بما يحدث على كوكب الأرض. النموذج المبني على الصوبة الزجاجية لتبيان آثار و أسباب الاحتباس الحراري ،من وجهة نظري، هو نموذج خاطيء جملة و تفصيلاً إذا ما تم نسبه او محاكاته لما يحدث على كوكبنا الأخضر.
يتحدث المتحدثون أن أرضية الصوبة و ما بها من نبات هي بمثابة سطح الأرض و هذا كلام جميل، لكن تعالوا معي في النقطة التالية، يقولون إذا ما زادت كميات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي لللأرض فإن ذلك الغلاف يصبح بمثابة الزجاج للصوبة الزجاجية و عليه فإن حرارة سطح الأرض التي إكتسبها خلال تعرضه للشمس صباحاً لن يمكن أن تنتشر و تفلت إلى الفضاء الخارجي و عندها يحدث إنحباس او احتباس للحرارة مما يؤدي إلى رفع متوسط حرارة الكوكب و يحدث ما يحدث من الويل و الثبور و عظائم الأمور. هذا النموذج المبني على الصوبة الزجاجية فقد قطعة هامة جدا و هي موجودة في الصوبة و هو و جود غطاء من القماش خارجي يوضع على زجاج الصوبة لعمل ما يسمى تعتيم و ذلك حتى لا تحرق النباتات و تتلف من فرط الحرارة نتيجة للتعرض المستمر لآشعة الشمس. مثل هذا الغطاء موجود في الأرض و الأكثر من ذلك أنه يستطيع تكسير الزجاج ( ثاني أكسيد الكربون ) هذا الغطاء و ببساطة هو غاز الماء أي بخار الماء الموجود على هيئة سحاب و ضباب. من المعروف في أي خليط غازي كالغلاف الجوي مثلاً تختلف تركيزات الغازات على حسب كثافتها و حيث أنه معروفاً بشكل قاطع أن ثاني اكسيد الكربون أثقل من بخار الماء فإن السحاب أو بمعنى أدق محتوى الغلاف الجوي من المياه يتركز أكثر في طبقات تعلو ثاني أكسيد الكربون و هي طبقات تواجد السحاب. كلنا أيضاً يعلم أن السحاب له أثر تعتيمي أي حجب لآشعة الشمس و عكسها بما تحمل من حرارة إلى الفضاء الخارجي. كلنا يعرف أيضاً أن غاز ثاني أكسيد الكربون يذوب في المياه، أي انه عن هطول الأمطار فإن قدر لا يستهان به من غاز ثاني اكسيد الكربون يذوب في المياه ليكون معادن الكلس في التربة.
كل ذلك تم تجاهله من قبل نموذج الصوبة المحدود افقاً و مفهوماً. نضيف أيضاً، كل المتحدثين عن الاحتباس الحراري و خطره يتكلمون عن ارتفاع حرارة الأرض و ما يؤديه من زيادة معدلات انصهار الجليد في قطبي الأرض و ما يترتب عليه من ارتفاع منسوب مياه سطح البحر. هذه هي النقطة الأكثر غرابة و تسطيحاً للموضوع و ذلك بمعنى، لم يركزون فقط على الانصهار و يتناسون شيئاً هاماً مرتبطاً به و يعد حجر أساس من خواص الماء و هو ايضاً زيادة معدلات البخر و ما يترتب عليه من زيادة كمية السحاب متبوعاً بزيادة التعتيم و ذيادة الأمطار التي ستذيب ثاني أكسيد الكربون. أيضاً لما يتناسوا حرارة الذوبان ، فانصهار الجليد و تحوله إلى ماء و انسيابه الى المحيطات هو عبارة عن شيء مشابه لذوبان الملح في الماء و هذا معروف علمياً بأنه تفاعل ماص للحرارة. تستطيع تجربتها بنفسك و ذلك بأن تذوب ملعقة كبيرة من الملح في كوب مياه و ستشعر على الفور ببرودة في الكوب.
ثانياً و رجوعاً إلى النقطة الثانية و هي التغافل الواضح و النسيان التام لمبدأ بقاء المادة، فلا يخفى أن الوقود الحفري مثل النفط و الفحم الحجري هو في الأصل عملية تحلل خاصة و معقدة لكائنات كانت حية متنوعة في الشكل و أساليب الحياة، عاشت و رتعت على سطح الأرض و في بيئتها منذ ملايين السنين و هذا يعني أن بيئة الأرض كانت في هذه الأثناء مواتية للعيش و الحياة. هنا لا نسطيع إغفال مبدأ بقاء المادة؛ فثاني أكسيد الكربون المنبعث حالياً من تشغيل السيارات و النشاطات المختلفة كان موجوداً على هيئة غاز في الغلاف الجوي في تلك الأزمنة السحيقة، و ذلك لوجود مسار واحد فقط يمكن للكربون أن يدخل فيه إلى أي تركيب عضوي لكائن حي و هو عملية البناء الضوئي التي تحدث في أوراق النباتات و التي يصنع منها الكربوهيدرات من الماء القادم من التربة عبر الجذور و ثاني أكسيد الكربون القادم من الهواء عبر الأوراق. يعني هذا أن كمية ثاني الكربون التي يزعمون أنها تهددنا كانت موجودة بالفعل في و قت ما بشكل او بآخر و لو ربطنا بما تقدم، انه كانت في تلك العصور الغابرة عصور مطيرة مما يؤكد و يعضض براعة الاتزان الديناميكي لكوكب الأرض.
الآن جاء دور النقطة الأولى و يالها من نقطة فهي المفتاح لكل ذلك الهراء و السر الكامن و الهدف من القائم من نشر أسطورة الاحتباس الحراري؛ فيبدو أن الانسانية و بالرغم مما حققته من تقدم و معرفة تلتزم بمبدأ إعادة التاريخ لنفسه. كانت لكل حضارة اسطورة تحكي و تتحاكى عنها وبها؛ و ذلك لإهداف و مآرب منها ما هو المعلن و منها ما هو الخفي. من الواضح أن اسطورة هذا العصر هي الاحتباس الحراري. كما اسلفنا أن التركيز الغالب و الأشمل يتمحور حول ثاني أكسيد الكربون و الصوبة الجليد المنصهر و الدب القطبي الخ من اشكال الفيديو النمطية حول هذا الموضوع. يا سادة الموضوع أعمق و أخطر، لما لا يركزون على أسباب ثقب الأوزون و يلاحظ المراقب أن التكثيف حول قضية ثاني أكسيد الكربون و الوقود الحفري يغطي شيئاً فشيئأ عن مثل هذه الأمور. لما لا ينظرون إلى ملوثات العناصر الثقيلة و التي ابسط ما تكون في الحاسب الذي تجلس أمامه لتقرأ هذه الكلمات، لما لا يتكلمون عن المخلفات النووية. سيقول قائل، انهم بالفعل يتحدثون و يتناولون في الاعلام هذه القضايا، و إليه أقول تفضل فقط بالمقارنة بكثافة الحديث و تركيزه حول تلك الموضوعات بموضوع غازات الدفيئة!
أعتقد أنه لو أصباح الصباح و اكتشفوا بلايين البراميل النفطية في تكساس او الاسكا أو أن ينابيع البترول تفجرت في لندن أو باريس؛ لتغيرت مجريات النقاش و التناول كلياً و جزئياً، و لكن ما تبقى منه موجوداً فقط هنا في الرياض و بغداد و طهران بمعنى أدق من وجهة النظر الغربية "الناس الوحشين". لما لا يتناولون بنفس الكثافة حجبهم للطاقة النووية عن شعوب العالم و التي بدورها ستقلل انبعاثات الغاز لم لا يسخرون التكنولوجيا الفضائية في التخلص من المخلفات النووية.
أساس هذه المهاترات دوافع سياسية و ليست بنية علمية راسخة كما يتم الترويج لها. لا ادري بماذا يخططون للبترول حتى يعتبروه مسئولاً عن دمار بيئة الأرض و اغفال ما هو ادهى و أمر، و لكن ما هو ادهى و امر لا ينتجه و لا يستفيد منه "الناس الوحشين" و لذا فغض الطرف عنه واجب. أعتقد أن ذلك يأتي في سياق لعبة ما لفرض تعقيدات معينة على البترول و انتاجه لو حتى محاولة لخداع الشعوب الغربية في حال فرض أي قيود او ضرائب اضافية على الطاقة. فيا عزيزي انها ديموقراطيات الخداع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق