إنها قصة الفتى الذي كان يتسلى بالنداء و الصريخ كاذباً على أهل قريته أغيثوني إني أغرق ، و عند تلبية أهل القرية و تجمعهم لإنقاذه يضحك ساخراً من الحشد بقوله ها ضحكت عليكم و يتكرر ذلك الفعل من ذلك الفتى حتى اعتاد أهل القرية على خداعه و ما عادوا يلبون له نداء و لا يأبهون له بالاً؛ حتى جاء يوماً و استغاث و ما كان له غائثا حتى غرق حقا و فارق الحياة. هكذا انتهت القصة.
هكذا انتهت القصة لكل غافل هالك كذاب و أفاق؛ لكن لمن اهتدى و نجا وكان من الاسوياء لم و لن تنتهي القصة بالنسبة له. هنا تكمن العظة لمن يعقل و يتدبر، و لا يجهل و يعربد. حقاً الصدق منجاة و الكذب هلاك و بوار.
الخطير في الأمر أن كل الكذابين الأفاقين يظنون أنفسهم الحاذقين المحنكين. الحق أنهم هم المغفلون الساذجون. إن أفعى الكذب تسحر من هذيئ نفسه كاذباً و ملتويا حتى تلتف حوله و تعصره عصرة عنده يكون قد فات وقت النجاة و لن تنجيه من كذبه آلاف الأيدي بل ملايينها و الحول دون هلاكه المحتوم.
إن الكذاب يظل يكذب و يكذب حتى يفقد كلامه و موقفه أي وزن أو معيار و لا يبقى منه سوى ظلاً باهتاً كئيب. يظل يمارس الكذب حتى يكذب حتى على نفسه. كذب الانسان على نفسه هو تاج الحماقة في مملكة الكذب الهاوية و هو قمة الهاوية. إذا فرضنا جدلاً ان نسبة هلاك الكذاب هي 99.9%؛ فإن الكاذب على نفسه و المضلل لها بأوهام يتجرعها مما عاهد نفسه على إجترائها على الناس و المحيطين هي 100% محال من نجاة و لا جور من هلاك.
فليهنأ الكاذبون بكذبهم فهم الأشقياء، و ليشقى الصادقون بصدقهم فهم الهانئون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق