10 يناير 2010

بحث عن إدمان الإنترنت 2

في موضوع سابق تحت عنوان بحث عن إدمان الإنترنت 1 قد أوردنا الجزء الأول من بحث حول موضوع الإنترنت و إدمانه، و إليكم الآن تكملة هذا البحث فيما يلي:

4: أسباب إدمان الإنترنت سنتناول في هذا الجزء النظريات والفرضيات التي تعزي إصابة شخص ما ووقوعه في إدمان الإنترنت من خلال النظر إلى أسباب الإدمان عموماً، وذلك بناء على ما ورد في الجزء السابق من البحث.

  1. السيكوديناميكية و المواصفات الشخصية

    هذه الفرضية تعزي الإدمان وترجعه الى الصدمات في مراحل الطفولة المبكرة و العلاقة بسمات شخصية معينة والاختلالات الأخرى بالإضافة إلى الصفات النفسية الوراثية[6]. النموذج النزعوي أو النموذج الإجهادي للإدمان ربما يساعد في فهم إدمان الإنترنت. أشخاص معينين، كنتيجة للعديد من العوامل، يمكن أن يكونوا أكثر عرضة لإدمان شيء ما، على سبيل المثال إدمان الكحوليات أو الهروين أو المقامرة أو ممارسة الجنس أو إدمان الشراء أو إدمان استخدام خدمات الإنترنت. يجب ملاحظة أن هؤلاء ربما يقضون حياتهم طبيعيين دون التعرض لإدمان أي شيء. لكن ومن ناحية أخرى، في حال تعرض هؤلاء الى نوع ملائم من الضغوط أو تشكيلة من الضغوط، حيث يكون ذلك التعرض للضغوط يكون في فترة أو وقت حرج من فترات حياتهم؛ فعندئذ يكون الفرد أكثر عرضة أو ميول للوقوع تحت وطأة الإدمان. على سبيل المثال، في حال كون شخص ما يشرب الكحوليات، ولو حتى بصفة عرضية وليس دوماً، ولكنه استمر وحافظ على زيادة استهلاكه أو تعاطيه للمشروبات الكحولية؛ فإنه ربما يكون قد حدثت له حالة من الاعتماد على الكحوليات أي إدمان عليها. بالقياس على ما سبق، فإن ما سبق عن الكحوليات يمكن أن يعتبر ويطبق على إدمان الإنترنت. حال توفر المجموعة المناسبة من الشخص و الوقت و الأحداث؛ عندها ممكن أن يحدث إدمان. الفكرة انه ليس فقط الممارسات هي المهمة لحدوث الإدمان ولكنه الشخص الذي يمثل العامل الفصل في المعادلة.

  2. مفهوم الثقافة الاجتماعية

    يمكن تفسير أسباب وقوع شخص تحت وطأة الإدمان من منظور الثقافة الاجتماعية. الإدمان يتنوع حسب النوع (ذكر أو أنثى) و العمر و الحالة الاقتصادية و الوضع العرقي و الديني و الموطن. بعض أنواع الإدمان تكون منتشرة خلال أفراد ينتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة. على سبيل المثال، إدمان الخمور والكحوليات يكون منتشراً خلال الطبقات الاجتماعية المتوسطة في الدخل المادي، وذلك بين السكان الأصليين و الأمريكيين من أصل أيرلندي وأيضاً الكاثوليك. البيض يكونون أكثر عرضة لتعاطي عقاقير الهلوسة ولكن يكونون أقل عرضة لتعاطي الهروين مقارنة بالسود وذوي الأصول اللاتينية[6]. حتى الآن ليست هناك بيانات كافية لتحديد كون الأشخاص الذين يدمنون الإنترنت ينتمون إلى شريحة اجتماعية معينة في أغلبهم أم لا. بالإضافة إلى ذلك، فإنه لا يوجد تنوع كاف بين مستخدمي الإنترنت للحكم النهائي من هذا المنظور. بزيادة تنوع مستخدمي الإنترنت وزيادة الأبحاث في هذا الصدد فإنه ربما يمكن ذلك.

  3. المفهوم السلوكي

    هذا المفهوم يرتكز على دراسات بي إف سكيننر على التشغيل المشروط. الشخص يقوم بسلوك ما، ثم يحصل إما على مكافئة أو عقاب على سلوكه. لتمثيل ذلك، نفترض أن طفلاً خجولاً جداً يخشى من مقابلة الناس الغرباء. وقتما يكون هناك فرصة للتراجع، فإنه ينطوي على نفسه ولا يلعب مع الأطفال الآخرين. هكذا فإن ذلك الطفل يتجنب الحوار و الحديث مع أي شخص غريب وبهذا فإنه يتجنب القلق الناشئ عن المقابلات الجديدة. تجنبه لهذا القلق يعد مكافئة له، ويحفزه على مواصلة هذا السلوك. هذا يعني انه مرتبط بهذا السلوك وان يحتمل ان يعود له في حال مقابلته لأشخاص غرباء مرة أخرى وذلك من خلال هروبه من المشكلة. هذا مرتبط بالإدمان وخصوصاً إدمان الإنترنت وذلك لأن المخدرات والمقامرة والكحوليات و التسوق والإنترنت تقدم مكافئات. إنها تقدم الحب و الإثارة والعاطفة و الراحة المادية والوسيلة للهروب من الواقع. لو أن الفرد شعر بأنه في حاجة الى الهروب من واقع أو انه في حاجة إلي الحب أو العاطفة أو متعة أكثر فانه سيذهب إلى الإنترنت هذا يكون إجباري بالنسبة له وهكذا يقع في دائرة إدمان الإنترنت.

  4. المفهوم الطبي

    هذا المفهوم يركز على العوامل الوراثية و الخلقية والاختلال الكيميائي في المخ والمستقبلات العصبية كمسببات للإدمان. يمكن أن يكون هناك كروموسومات معينة أو هرمونات او نقص أو زيادة في كيماويات معينة ومهمة و التي من شأنها تنظيم أنشطة في المخ وباقي الجهاز العصبي. من هذا المنظور يمكن أن يكون شخص ما عرضة للإدمان. هناك بحث يشير الى ان بعض العقاقير تملئ فراغات نقاط الاشتباك العصبيSynaptic لأعصاب المخ وتؤدي الى خداع المخ لإرسال معلومات خاطئة وهذا يعتقد انه السبب في جعل شخص أكثر عرضة لإدمان أو للارتباط بأنشطة مثل العدو وتعاطي العقاقير والمقامرة. هذا يمكن تطبيقه على الإنترنت حيث توجد من خلالها نشاطات تمثل المتعة والإثارة.

  5. المفهوم البديل

    المفاهيم و الفرضيات التي تم مناقشتها سالفاً افتقرت الى تحديد اكثر تبياناً لخصوصية الإنترنت. فيمكن ان يكون من يوصفوا بمدمني إنترنت من المستخدمين الجدد الذين يبهرون بما تقدمه الإنترنت من خدمات، ولذا فهم ينجذبون اليها في بادئ الأمر على غير هدى، إلى أن يحددوا أولوياتهم في إستخدامها وما هي مناحي الإستفادة منها. يوجد نموذج يوضح علاقة وتدرج استخدم الأفراد للإنترنت وخدماتها. هذا النموذج يراعي النشاطات وتقسيمها الى مراحل كما في الشكل التالي: نموذج جرول للاستخدام المرضي للإنترنت يوضح ذلك النموذج التدرج المنطقي من قبل شخص ما في استخدام خدمة او القيام بنشاط جديد مستخدما الإنترنت. من يوصفون بمدمني الإنترنت يبقون قابعين في المرحلة الأولى وهي مرحلة الانبهار ولا يستطيعون المرور الى المرحلتين التاليتين. المستخدم الطبيعي بعد انبهاره بنشاط معين، يبدأ في الدخول الى مرحلة الإجتناب حيث يكون هناك بعض من خيبة الأمل بناء على ما توقع من ان تقدمه له هذه الخدمة من معطيات، ولكن بمارسته لها تعرف على نقاط قصورها ومحدوديتها. ينتهي المطاف بالمستخدم الطبيعي الى الوصول الى مرحلة الاتزان والتي عندها يكون قد حدد ماذا يريد من هذا النشاط وما الذي يمكن ان يقدمه اليه فعليا وعلى هذا فيصل الى الاتزان في الاستخدام دون إفراط.[8]

5. نتائج إدمان الإنترنت بما لا يدع مجالاً للشك فإن استخدام خدمات الإنترنت قد يصل إلى درجة الإدمان، وذلك بالرغم ممن يشككون في ذلك. فكأي نوع من اإدمان يوثر عل وضعية المدمن السلوكيو واليكم بعض من الروايات عن أناس وقعوا فريسة لإدمان الإنترنت.

قد وصل الحد بامرأة آلي حد الطلاق وذلك بسبب إهمالها مستلزمات بيتها وعيشة أطفالها من جراء قضائها الوقت مديدة على الإنترنت بدون شعور بالمتغيرات من حولها.

أيضا يمكن لإدمان الانترنت في يسبب مشاكل صحية وذلك ما ورد عن تعريف وتعرف الدكتورة سبيكة يوسف الخليفي أستاذ علم النفس التربوي بجامعة قطر إدمان الانترنت بأنه إستغراق الإنسان لكل او معظم وقته في التعامل مع الانترنت بحيث ينسى القيام بواجباته وأمور حياته العادية ويصبح هاجساً بالنسبة له أينما كان ولايستطيع الإستغناء عنه، وقد أعزت السبب الرئيسي له إلى أنه شغف بهذا الشيء الجديد «الانترنت» وهو مماثل تماماً لشغف البعض ركوب السيارات او القيام بالرحلات بشكل مستمر وبالتالي تصبح العملية مبرمجة ولكن بطريقة عشوائية وبلا حدود فيما أفترضت أن يكون هناك أسباب أخرى لهذا الإدمان مثل ان يعاني الشخص من مشكلات نفسية او عاطفية مما يدفع به الى الدخول على الانترنت بهذه التسلية والإمتاع والراحة دون ان يتعب ذهنه بالتفكير لأنه يكون مجرد متلقي صامت دون تركيز او معالجة، كما ذكرت انه لمعرفة ما إذا كان الشخص مدمنا ً فلا بد من قياس عدد ساعات جلوسه على الانترنت فكلما زاد عدد الساعات أمكن القول بأنه مدمن، وأوضحت أن إدمان الانترنت يؤدي الى مشاكل صحية أكيدة مثل التلفزيون تماماً، فهناك أشخاص أصيبوا من جرائه بآلام في العظام والظهر والرقبة وتعرضوا إلى التهاب العينين إضافة إلى السمنة.[7]

وقد أشار الدكتور عبد المنعم محمود عبدالحكم المستشار النفسي بمؤسسة حمد الطبية الى ان الدخول على الإنترنت له أهداف مختلفة ومتعددة فهناك من يبحث من خلاله عن معلومة وهناك من يبحث عن إثارة وهناك من يبحث عن استثمار- إلخ من الأغراض المتنوعة، فهو عرضة للاستخدام من قبل مختلف الشخصيات بتعدد سماتهم لكن المدمن هو من يقع أسيراً له، فإدمان الإنترنت من وجهة نظر الدكتور هو الاستعمال الخاطئ والغير مبرر في بعض الأحيان وأكد أن أغلب مدمني الانترنت يفقدون القدرة على التواصل الإنساني المواجه ويعانون من خجل وخلل في الشخصية مما يدفعهم الى الإدمان على الإنترنت لتلبية تلك الرغبات، أما عن تأثير الإدمان على فعالية الشخص في المجتمع فيرى الدكتور أنه إذا خدم العمل الذي يقوم به صاحبه مثل الدراسة أو الاستثمار فلا شك أنه سيكون مفيداً ولكن إذا كان على حساب أدائه لأعماله فإنه سيؤثر سلباً على حياته الوظيفية وفقدانه للمهارات الاجتماعية مثل القدرة على التواصل مع الآخرين من حوله لأن جهاز الكمبيوتر مهما حقق له من رغبات يبقى آلة جامدة تعجز عن التعبير وبالتالي تتحول العملية الى نوع من الميكانيكية في التعبير عن عواطفه وصعوبة استخدام حركات الوجه والإيماءات وما شابه ذلك.

نبذة عن العلاج و الوقاية من إدمان الإنترنت أكد الدكتور عثمان علي أستاذ الشريعة بجامعة قطر أن الوازع الديني له دور كبيرفي التحكم بالإرادة عند الدخول على مواقع الانترنت وأن ما يدفع الشباب على إدمانه وخاصة من الناحية السلبية هو عدم تقدير منهم بقيمة الوقت مما يجعلهم يدمنون على مواقع معينة لاسيما إذا كانت مسفة وغير أخلاقية وخاصة أنها في حالة تجرد مستمر مما ينعكس سلباً على حياتهم سواء الدراسية او المعيشية وعلى سلوكهم وعلاقاتهم لأنه حتماً ستنحصر في أصحاب هذه الأهتمامات فقط. كما يرى الدكتور ان الإنسان صاحب رسالة في الحياة يسعى الى تحقيقها لذلك يجب على كل من يستخدم الانترنت ان يعتني بوقته وألا يقع في براثن أعداء الأمة،أما إذا خدمت الفترة التي يجلسها المستخدم على الانترنت هذه القضايا الهامة فلا مانع لكن مع ضرورة إستخدامه بصورة معقولة .

لهذا وجب توفير حلول بديلة وعنها نقتبس ما ورد في مجلة جميلة الوطن القطرية "أما عن الحلول البديلة التي يمكن إتخاذها للحد ممن هذه المشكلة يؤكد الدكتور على أهمية دور الأسرة في المقام الاول من خلال التوجيه للطفل اوالشاب، والتربية الدينية والمناخ العام الذي يعيش فيه الشخص هو الذي يشكل الإطار العام لتوجهاته الى جانب دور التثقيف المدرسي لتنمية المهارات العلمية كما يجب على الدولة ان تقوم بتنويع مصادر الثقافة من خلال الإهتمام بالصحافة والكتب ووسائل الاتصال الأخرى لأن كل وسيلة تتمتع بمذاق خاص يصعب على الإنترنت وحده تلبيته."

7. الخلاصة للتعرف على إمكانية كونك مدمناًً للإنترنت من عدمه لاحظ السلوكيات التالية وهل أنت تقوم بها أو ببعضها أم لا: 1) استخدام خدمات الإنترنت يومياً دون أي انقطاع.
2) فقد الإحساس بالزمن بعد الاتصال بالإنترنت.
3) الخروج في النزهة أو المشي مع الأصدقاء يصبح قليلاً.
4) قضاء وقت اقل و اقل لتناول الغذاء في البيت او العمل والقيام بذلك أمام شاشة الحاسب.
5) انك تنفي قضائك أوقاتا كبيرة على الإنترنت.
6) الآخرين يلومونك على قضائك أوقات كبير على الإنترنت.
7) فحص صندوق بريدك الإلكتروني مرات متعددة يومياً.
8) اعتقادك في احياناً كثيرة، بأنك قد توصلت لأفضل موقع او صفحة إنترنت وتحاول إعطاء عنوانها لكل من تعرفه.
9) تقوم بالولوج على الإنترنت في حال كونك مشغولاً بعملٍ كثير.
10) تدخل سراً على الإنترنت في حال عدم تواجد أفراد الأسرة وذلك يشعرك بالارتياح.

إذا كان الأمر كذلك؛ فعليك فوراً استشارة إحصائي نفسي، للخروج من هذه الحالة، فأنت عندئذ تكون مدمن إنترنت او على الأغلب تكون كذلك.

المراجع
[1] Internet Fundamentals CIW Foundations/i-Net+ Series Vol. [1-2], 2000
[2] Jennifer Ferris, 1996, psychology Virginia Tech jferris@vt.edu
[3] Egger & Rauterberg, 1996
[4] 1985؛ In Freeman,1992
[5] Young, 1996
[6] Sue, 1994
[7] سبيكة يوسف الخليفي، أستاذ علم النفس التربوي جامعة قطر، موقع جميلة الوطن
[8] John M. Grohol,Psy.D., 1999

هناك 4 تعليقات:

  1. محمد العراقي7 مايو 2010 في 5:13 ص

    شكرا لكم على هذا البحث الممتاز
    شكراااااااااااااااااااااااا

    ردحذف
  2. يعطيك العااااااااااافية وجزاك الله خير استفدنا منه.

    ردحذف
  3. يعطيك الف عافيه وجزاك الله خير !

    ردحذف
  4. تشكراتي لك

    ردحذف


بحث مخصص