خدمات

منطقة إعلانية للإيجار
 
لتوجيه أي اقتراح او تعليق عام على المدونة او محتواها؛ يسرني تلقيه من خلال هذا الرابط

خدمة جديدة. الدردشة مقدمة من المدونة لقرائها الأعزاء. إضغط هنا للدخول، و لا تنسى أن تواعد أصدقائك على دردشة المدونة.

عرض فاتورة التليفون من الشركة المصرية للاتصالات. يمكنكم عرض الفاتورة من هنا.


12 يونيو 2009

ويب الأثير

في المرحلة الإعدادية و قبل معرفتي بالإنترنت و حتى بالحاسب و كان ذلك في أوائل تسعينيات القرن الماضي، كانت بدايات مرحلة المرهقة و بداية بزوغ اثبات استقلال الشخصية و البحث عن الأحلام و منبع الطموحات. ظلاً لهذا استهوتني بعض الهوايات منها ما قد يكون متعارفاً عليه ومنها ما قد يكون غريباً أو نادراً. كانت هواية التواصل مع الآخرين عبر المراسلات البريدية من هذه الهوايات، و كان لها شكل خاص بعض الشيء، حيث أني لم أكن أراسل أشخاص، و إنما أراسل إذاعات و هيئات و ذلك بغرض الحصول على مطبوعات و ملصقات و ماشابه تدور عن نشاطات تلك الجهات و البلدان التي تعمل انطلاقاً منها.

مقارنةً بما يحدث الآن، كان تغييري لموجات الأثير و الراديو عبر الترددات القصيرة و المتوسطة و محاولة التقاط إذاعات تعمل باللغة العربية، بمثابة تصفح الويب و فضاء الإنترنت عبر متصفح الويب. كان اشعر بنشوة عند سماعي لصوت بالعربية ينطلق من بلد بعيد يختلف في التوقيت أو الثقافة عن مكان تواجدي في مصر. تعمقت تلك السعادة و هذه النشوة عند قدوم ساعي البريد حاملاً خطاباً أو طرداً مكتوباً عليه اسمي و ينادي على الأستاذ سيد بكر - سعيد بكر، و لكن بعض الناس يجهلون النطق لكتابة سعيد Said بالأحرف اللاتنية - و أستلم هذا الخطاب و أقوم بفتحه و الاطلاع على ما فيه من نشرات و جداول برامج الإذاعة و المطبوعات و حتى الملصقات.

الملصقات التي كنت استلمها، مثلت لي في وقتها نياشين و مدعاة للفخر، بأنني أراسل عدد كبير من الإذاعات، و بالطبع وقتها كانت تبياناً و تأكيداً على فكرة استقلال المراهق و اثبات الشخصية. حقيبتي Samsonite كانت مرتعاً لملصقات الإذاعات المختلفة التي كنت أراسلها و التي كان من بينها صوت ألمانيا، راديو هولندا، راديو لندن، راديو أسبانيا، راديو روما، راديو فيينا، راديو كوريا، راديو كندا، صوت أمريكا و قد تخونني الذاكرة في ذكر البعض الباقي. و سنتبع ذكرياتي حول هذه الهواية في موضوع قادم إن شاء الله.

هل نحن بلهاء ؟

إذا كنت عزيزي القاريء من الراغبين في شراء سيارة أو كنت معني بسوق السيارات بأي شكل من الأشكال؛ فأرجوك، و ارجو نفسي، أن نقوم سوياً لننظر إلى المرآة لعلنا نجد فيها كائنات غريبة يبدو عليها بلاهة موسومة بالطبيعة على الجبهة أو قد تكون المفاجأة و لا نجد شيئاً مطلقاً و نكون بمثابة الأشباح المحبوسة داخل قماقم الأنفس الميتة.

لا تندهش عزيزي، عندما نسمع أن وكيل سيارات ما، قام و تنازل و تعطف ترويجاً للسوق و للمبيعات بشيء يدعونه تخفيضاً و أن سيادته خفض مبلغ ثلاثة آلاف جنيه دفعة واحدة على إحدى طرازات سياراته و التي كانت بمائة ألف جنيه لتصبح بسبعة و تسعين ألفاً من الجنيهات، أي بنسبة مقدارها ثلاثة في المائة فقط، يجب بعد سماعنا هذا أن نشك ،فيما يجب أن نشك، في أنفسنا أولاً و أن نتدارس هل نحن كمستهلكين أو حتى مستهلكين ( بفتح الكاف ) بشر طبيعين لنا أهلية و تمييز؟!!!

الأمر يا سادة لا يقتصر على حدوث ذلك كمجرد حدث عابر أو فردي، و لكنه متكرر و يتكرر من قبل الوكلاء على الدوام. كل هذا الكم من الترهات و الادعاءات الاحتيالية الحمقاء؛ لا يمكن و لا يصلح الرد عليها سوى بفعل واحد؛ ألا و هو خلوها تصدي. يجب الرد على كل هؤلاء الجشعين المحتالين من الوكلاء النهابين من خلال فعل واحد نتمسك به و نتجمع عليه كمستهلكين و زبائن نبرهن من خلاله اننا عقلاء و نملك من الإدراك ما أعمى الطمع عنه هؤلاء الوكلاء. إن هذا الفعل المنشود هو التمسك بحملة المقاطعة لشراء السيارات من خلال خلوها تصدي.

ذكريات كيميائية

عندما كنت طالباً في كلية العلوم جامعة الزقازيق بالفرقة الثانية شعبة كيمياء خاصة، درست مادة الكيمياء العضوية. كان منهج الدراسة يعتمد على دراسة المركبات العضوية مصنفة حسب مجموعاتها الوظيفية مثل دراسة الكحول و طرق تحضيرها و خواصها الكيميائية و كذا الأحماض و الأمينات وهكذا.

خلال هذه الأثناء عثرت على كتاب شغفني حباً له داخل مكتبة الكلية و هذا الكتاب باللغة الإنجليزية و تحت اسم Organic Chemistry من تأليف Marye Anne Fox الإصدارة الثانية. لقد جذبني في فهم أصول المركبات الكيميائية بشكل جذاب؛ حيث أنه يتناول دراسة المركبات الكيميائية بمنحى مختلف عما كنا ندرسه في كلية العلوم آنذاك. يركز هذا الكتاب على دراسة المجموعات الوظيفية بعينها دون التركيز على وجودها في المركبات أو تصنيف المركبات التي فيها، مما يؤدي إلى الخروج من دائرة الحفظ و التلقين إلى آفاق الفهم و الاستيعاب و القدرة على الاستقراء. بالفعل كانت النتيجة كما توقعت، ففي الامتحات النهائي للفرقة الثانية لمادة الكيمياء العضوية، و الذي يعرف تقريباً بتقسيمه إلى نصفين، نصف يخص التحويلات الكيميائية، أي كيفية الحصول على مركب معين ابتداءاً من مركب آخر و تبيان ذلك بالمعادلات الصحيحة، و الجزأ الآخر هو شرح ميكانيكيات التفاعلات و كيفية حدوثها. أغلب الزملاء كانوا يركزون على النصف الأول باعتباره الأسهل و الأكثر ضماناً، أما انا فلم أكن أعلم عن التحويلات - تقريباً - أي شيء، و تمكنت من الاجابة الكاملة على نص الميكانيكات الخاصة بالتفاعلات بأدنى قدر من المعاناة.

إليكم اقتباس من تعليق لي كنت قد كتبته على موقع أمازون منذ زمن بعيد حول هذا الكتاب و قد كتبته بالعربية مع مقدمة بسيطة تفيد أن تعليقي بالعربية، و التي تعبر عما شعرت به تجاه هذا الكتاب الذي اعتبره كتاباً رائعاً في الكيمياء العضوية.


كتاب الكيمياء العضويةThis Review in Arabic, Because I have alot of good feelings about this book, which I can not describe it,clearly, without my native langauage, However, it will be hard to decribe it in Arabic too. it's a flood of good impressions. هذا الكتاب له معي ذكريات مفعمة بالفهم والادراك لاساسيات الكيمياء العضوية. فهو بالفعل كتاب سهل اللغة مبدع في الاسلوب بالاضافة للاسطوانة المدمجة المرفقة معه والتي توفر افق اوسع لادراك التفاعلات والصيغ البنائية لها. يقدم هذا الكتاب شرح غير تقليدي للكيمياء العضوية، فلا يتناولها كفئات مثل الكحولات و الاحماض الخ؛ ولكنه يتناولها بتفاعلات المجموعات الوظيفية بعينها مم يعطيك فهما اوسع وادراك اشمل عند التعامل مع المركبات التابعة لفئتهاالخلاصة انه خير كتاب للمبتدأين، وللاسف لم تتاح الظروف لكي اكمل قراءة باقي اجزائه المتقدمة.

08 يونيو 2009

أنفلوانزا الخنازير و لحمه

هل هناك علاقة بين أنفلوانزا الخنازير و تناول لحم الخنزير؟ سؤال قد يكون بديهي و منطقي، كما قد يكون محل بحث بعض العلماء. خلال أزمة أنفلوانزا الخنازير الحالية، قد لا يغيب عن أي متابع لها عدم انتشارها ،بالشكل المريع الموجودة عليه في أمريكا و المكسيك و الدول الغربية عموماً، في الدول الإسلامية و الأفراد المسلمين عموماً.

كما يعلم الجميع فإن لحم الخنزير من ضمن الأطعمة المحرمة تحريماً قطعياً في الشريعة الإسلامية و أن كافة من ارتضوا الإسلام ديناً لا يتناولونه عن عمد مطلقاً. يجوز لنا الاعتقاد بأن من لا يأكلون لحم الخنزير في مأمن من هذا الوباء الخبيث، و ذلك بناءاً على ما تقدم و على المثل الأمريكي الدارج انت ما تأكله You are what you eat . أعتقد سوف ننتظر بعض الوقت للتأكد من صحة اعتقادي أو خطئه.

خلوها تصدي و السياسة

رغماً عن كون حملة خلوها تصدي تحرك شعبي عفوي بدوافع من المنطق في ظل عصر المعرفة؛ إلا أن الحديث عنها و في سياقها لا يمكن أن يخلو أو يفصل عن السياسة و أساليب الحكم المتبعة في البلدان التي تتبنى شعوبها مثل هذه الحملة و ما شابهها. إن وصول حالة الأسواق إلى مثل هذا الوضع المتردي من استغلال و جشع الوكلاء و من يدعون بهتاناً أنهم مصنعي سيارات محليين، يعكس من زاوية ما قدر لا بأس به من الفساد الإداري و الهيكلي للحكومات المعنية، أدى إلى حجب الشفافية عن الأسواق و عزلها في زمان عز فيه ذلك.

أعتقد لولا غياب دور الحكومة و سلطة الدولة الحقيقة، ما كان لهؤلاء الوكلاء التمادي في استغلالهم المفرط للمستهلكين. إن هؤلاء المستهلكين، ما هم إلا شعب هذه البلد أو تلك، و مقدراتهم جزأ لا يتجزأ من مقدرات الوطن و موارده.

إثباتاً لارتباط ما تقدم بالسياسة، فإننا لم نسمع عن حملة خلوها تصدي في أمريكا أو ألمانيا مثلاً. حتى حال سماعنا عن حملات مقاطعة مستهليكن لمنتجات معينة في تلك البلدان ذات الحكومات و الديموقراطيات الشفافة، فإنها لا تستمر طويلاً دون أن تحقق أهدافها، كما لا يجرأ فيها التجار تحدي و مجابهة المستهليكن بالشكل الذي يظهر خلال حملة خلوها تصدي في بلداننا. المبرر الوحيد و المنطقي لكم التحدي السافر من قبل التجار لرغبات المستهلكين - من وجهة نظري - هو استنادهم و احتمائهم بسد و حائط عال منيع من التراخي و الفساد الحكومي، الذي بدوره يمكن أن يكرس لهم سياسات بل و يسن قوانين تخدم مصالح فئة التجار الجشعين. مثال على ذلك، مشروع التاكسي، و الجمارك المفرطة على السيارات بالرغم من عدم وجود صناعة وطنية تحميها هذه الجمارك، و إذا اعتبرنا تجميع السيارات صناعة، فيمكن للحكومة دعمها بطرق أخرى تسمح بوجود المنافسة البناءة و ليس الاحتكار البغيض.

إطلع على كتاب التجارة العادلة (نظرة إلى أحوال العالم اليوم) كي تحصل على معلومات أوفر عن التجارة و تأثيراتها على العالم.

07 يونيو 2009

أسطورة عن لوحة الشطرنج

مقتبس و بتصريف من كتاب الرياضيات المسلية، تأليف ياكوف بيريلمان، ترجمة الدكتور ابراهيم محمود شوشة. نشر دار مير، الاتحاد السوفييتي، موسكو.

رقعة شطرنجلعبة الشطرنج واحدة من أقدم الألعاب. توجد هذه اللعبة منذ عدة قرون و ليس من المستغرب أنه ترتبط بها أساطير كثيرة لا يمكن اختبار صحتها نظراً لوجودها في قديم الزمان. سوف نورد لكم الآن أسطورة متعلقة بهذه اللعبة و لكي تتفهمها لا يشترط إطلاقاً أن تكون ملماً بقواعد و أصول لعبة الشطرنج. يكفيك فقط معرفة أنها تلعب على لوحة أو ما يسمى رقعة مقسمة إلى 64 مربعا يتبادلون اللون الأبيض و الأسود على التوالي. تم ابتكار هذه لعبة الشطرنج في الهند، و عندما علم الملك الهندي شيرام أمرها و تعرف عليها؛ اندهش لذكائها و اختلاف الأوضاع الممكنة فيها. لما عرف الملك أن مخترع لعبة الشطرنج من رعاياه؛ فقد أمر باحضار المخترع إليه لكي يكافئه شخصياً على فكرته العبقرية. حضر المخترع، و كان اسمه سيتا، إلى عرش الملك شيرام. كان هذا المخترغ عالماً بسيط الهيئة، و كان يكسب قوته بتعليم تلاميذه.
  • قال الملك: انني أريد أن أكافئك يا سيتا على هذه اللعبة العظيمة التي اخترعتها، و انحنى سيتا للملك، و أضاف الملك: انني غني بما فيه الكفاية لكي انفذ اشجع رغبة لديك، قل المكافئة التي ترضيك و سوف تحصل عليها.
  • لزم سيتا الصمت؛ فشجعه الملك قائلاً : لا تخجل، اذكر رغبتك. لن أضن عليك بشيء لكي احققها لك.
  • أجاب سيتا قائلاً: إن كرمك عظيم ايها الملك، و لكن اعطني مهلة لأفكر في الإجابة. غداً سوف أخبرك، بعد أن يختمر تفكيري، برغبتي.
  • عندما جاء سيتا في اليوم التالي إلى بلاط العرش ثانية، اُدهش الملك بتواضع طلبه.
  • قال سيتا: أيها الملك، أؤمر أن يعطى لي من أجل أول مربع من لوحة الشطرنج حبة قمح.
  • دُهش الملك و قال: هل هي حبة قمح عادية؟!
  • رد سيتا: نعم أيها الملك، و تابع، و عن المربع الثاني اؤمر اعطائي حبتين، و عن الثالث 4 حبات، و عن الرابع 8 حبات، و عن الخامس 16 حبة، ...
  • قاطعه الملك متضايقاً: يكفي، ستأخذ الحبات عن جميع الـ 64 مربعاً في لوحة الشطرنج تبعاً لرغبتك، عن كل مربع بمقدار ضعف ما أخذته عن المربع الذي يسبقه. تابع الملك، إعلم أن رغبت هذه غير جديرة بكرمي. إنك بطلبك مثل هذه المكافئة التافهة تتجاهل كرمي بما ينم عن عدم الاحترام. الأوقع لك و أنت معلم أن تكون قدوة حسنة في احترام كرم ملكك. اذهب و سيحمل لك خدمي كيس القمح.
  • ابستم سيتا و خرج من قاعة البلاط، و ظل منتظراً عند بوابة القص.

تذكر الملك أثناء الغداء أمر مخترع الشطرنج؛ و بعث يسأل هل أخذ سيتا الطائش مكافئته أم لا؟!، و كانت الإجابة بالنفي و أن أمر الملك جار تنفيذه؛ حيث أن رياضيو القصر يقومون بحساب عدد الحبوب اللازمة للمكافئة. عبس الملك لأنه لم يتعود أن يتأخر تنفيذ أوامره بهذا البطء من قبل. مساءاً و عند انصراف الملك للنوم سأل: هل أخذ سيتا كيس القمح الذي طلبه أم لا، و أجيب أن الرياضيين ما زالوا عاكفين حساباً لطلب سيتا و يأملوا الانتهاء من هذا الحساب قبل الفجر. ثار الملك غاضباً، و قال، لماذا يبطئون هكذا؟! يجب أن يعطى سيتا آخر حبة من القمح الذي طلب قبل استيقاظي غداً، و أردف، إنني لا أعيد استصدار أوامري.

في الصباح قيل للملك أن كبير رياضي القصر يرجو منه سماع شيء هام، فأمر الملك بادخاله.

  • قال الملك: قبل أن تقول ما تريد، اني أريد سماع إعطائك سيتا مكافئته التافهة أولاً.
  • قال الشيخ: من أجل ذلك يا مولاي تجرأت بالمثول بين يديك في مثل هذه الساعة المبكرة. قد حسبنا بإمعان كل عدد الحبوب التي يريد أن يحصل عليها سيتا، و أن هذا العدد ضخم...
  • قاطعه الملك: مهما كان ضخماً، فلن تفتقر خزائني، و لابد و أن تسلم المكافئة التي وعدت بها.
  • رد الشيخ: ليس في سلطتك أيها الملك تنفيذ هذه الرغبة، ففي كل خزائنك لا يوجد هذا العدد من الحبوب الذي طلبه سيتا. لا يوجد هذا العدد في كل خزائن المملكة و لن يوجد في الأرض جميعها، و لو أردت اعطائه المكافئة الموعودة فلتأمر بأن تتحول ممالك الأرض كلها إلى أرض زراعية و أن تجفف البحار، و أن يزال الجليد الذي يغطي الصحاري الشمالية، و ليكن كل ذلك مزروعاً قمحاً و امر بأن يعطى انتاج كافة هذه الحقول إلى سيتا، عندئذ ممكن أن يأخذ مكافئته.
  • استمع الملك مندهشاً و هو غارق في التفكير و طلب من الشيخ العالم أن يذكر له هذا الرقم، فقال الرجل إنه ثمانية عشر كوينتليوناً و اربعمائة و ستة و اربعون كوادرليوناً و سبعمائة و اربعة و اربعون تريليوناً و سبعمائة و ثلاثة بليوناً و سبعمائة و تسعة ملايين و خمسمائة و واحد و خمسون الفاً و ستمائة و خمس عشر حبة يا مولاي!

هكذا كانت الأسطورة و كان العدد 18,446,744,073,709,551,615 إذا أردت تخيل ضخامة هذا العدد، فلنحسب حجم مخزن الحبوب اللازم لاستيعاب مثل هذه الكمية من الحبوب، و ذلك علماً بأن المتر المكعب من القمح يحتوي على ما يقارب 15 مليون حبة، هذا يعني أن مكافئة سيتا من الحبوب سوف تشغل حجماً مقدار 12 الف كيلومتر مكعب، يعني مكعب طول الضلع الواحد فيه 12 الف كيلومتر، و إذا كان عرض و طول ارضي المخزن هي 4، و 10 أمتار على الترتيب فإن ارتفاع المخزن سوف يصل إلى مسافة 300 مليون كيلومتر أي أكبر بمرتين من المسافة بين ألرض و الشمس.

مخالفة الدورة الزراعية و الدستور

بعد صيف العام الماضي 2008 فوجيء العديد من فلاحي مصر بمواجهات قضائية من قبل الزراعة و أخرى من قبل الري. كانت تلك القضايا المرفوعة ضد الفلاح المسكين خصوص مخالفته الدورة الزراعية و قيامه بالجرم المشهود و زراعته لمحصول الأرز، ذلك الأرز المصري لمن لا يعرف هو الشيء الوحيد أو على الأقل من الأشياء المعدودة التي فلحت فيها مصر و نجحت و له سوقه و طالبيه حول العالم أجمع، و تعتبر مصر فيه - على غير عادة - من كبار منتجيه و مصدريه. أما ري فقد أقام دعاوى غريبة من نوعها و أكاد أن أؤكد أنها لم تحدث لأي فلاح مصري منذ عهد الهكسوس المحتلين أو قبله أو حتى بعده، و هي قضايا تبديد مياه وذلك في إطار ارتكابهم الخطيئة المخرجة من جحيم القطن و زراعتهم الأرز.

نحن هنا لم نتناول قضايا حرق قش الأرز و محاضره و التي تنضم في سياق أخوتيها السابقتين في سلسة نهش و تمزيق الفلاح المهلهل أساساً، لدرجة أن أحد فلاحي السنبلاوين و قد كان واقفاً أمام القاضي القاهري الذي حكم عليه بمبلغ ثلاثة ألاف جنيه غرامة على حرقه قش الأرز، قال للقاضي " إسجني يا بيه...!!! "، و لولا تدخل جمهرة من المحامين لدى القاضي و ايضاحهم له أن ذلك الفلاح و إخوانه من الفلاحيين تحتار حيلهم و تخور عزائمهم في سبيل التخلص من قش الأرز و لا يجدون مفراً و لا سبيلاً إلا حرقه في حقولهم، فقد تعطف القاضي و خفض الغرامة إلى ألف جنيه واحد.

لم يكتفي مسئولي فلوتة مصر عند هذا الحد الشنيع، بل تمادوا تنكيلاً بفلاحي مصر، و ذلك من خلال فرضهم للقيود و المعوقات على صادرات الأرز المصري، و التي تعد حرباً صريحة على الفلاح المصري و مقدراته و عرقه. إن مناوشات عابرة من مثل هذه الحرب، لو تم تطبيقها على الفاسدين أولي الحظوة من المحتكرين؛ لتطهرت البلاد و العباد من فسادهم و نهبهم المنظم لمقدرات هذا البلد. الكيل - ليس بمكيالين - بمكاييل متعددة بين كبار " رجال الأعمال " و الفلاح البسيط هو أساس من أسس التلف و البوار. فلهم يكون الاقتصاد حراً و سياسات السوق و العرض و الطلب و الاعفاءات و السماحات و حتى تفصيل القوانين لتناسبهم، أما للفلاح فلا لاح له صباح او براح، و يضيق عليه من كل جانب و تسدد في وجهه الأبواب و يدهس بل يسحق.

السؤال هل أمثال تلك القضايا تتعارض مع الدستور المصري؟ أين هي المساواة بين المواطنين؟ أين هم محاموا مصر؟ ألا يعرفون إلى المحكمة الدستورية طريقاً؟ أم فلاحي مصر في حاجة إلى تنظيم نقابي قوي و فعال للزود عن آمالهم و مقدراتهم؟