رغماً عن كون حملة خلوها تصدي تحرك شعبي عفوي بدوافع من المنطق في ظل عصر المعرفة؛ إلا أن الحديث عنها و في سياقها لا يمكن أن يخلو أو يفصل عن السياسة و أساليب الحكم المتبعة في البلدان التي تتبنى شعوبها مثل هذه الحملة و ما شابهها. إن وصول حالة الأسواق إلى مثل هذا الوضع المتردي من استغلال و جشع الوكلاء و من يدعون بهتاناً أنهم مصنعي سيارات محليين، يعكس من زاوية ما قدر لا بأس به من الفساد الإداري و الهيكلي للحكومات المعنية، أدى إلى حجب الشفافية عن الأسواق و عزلها في زمان عز فيه ذلك.
أعتقد لولا غياب دور الحكومة و سلطة الدولة الحقيقة، ما كان لهؤلاء الوكلاء التمادي في استغلالهم المفرط للمستهلكين. إن هؤلاء المستهلكين، ما هم إلا شعب هذه البلد أو تلك، و مقدراتهم جزأ لا يتجزأ من مقدرات الوطن و موارده.
إثباتاً لارتباط ما تقدم بالسياسة، فإننا لم نسمع عن حملة خلوها تصدي في أمريكا أو ألمانيا مثلاً. حتى حال سماعنا عن حملات مقاطعة مستهليكن لمنتجات معينة في تلك البلدان ذات الحكومات و الديموقراطيات الشفافة، فإنها لا تستمر طويلاً دون أن تحقق أهدافها، كما لا يجرأ فيها التجار تحدي و مجابهة المستهليكن بالشكل الذي يظهر خلال حملة خلوها تصدي في بلداننا. المبرر الوحيد و المنطقي لكم التحدي السافر من قبل التجار لرغبات المستهلكين - من وجهة نظري - هو استنادهم و احتمائهم بسد و حائط عال منيع من التراخي و الفساد الحكومي، الذي بدوره يمكن أن يكرس لهم سياسات بل و يسن قوانين تخدم مصالح فئة التجار الجشعين. مثال على ذلك، مشروع التاكسي، و الجمارك المفرطة على السيارات بالرغم من عدم وجود صناعة وطنية تحميها هذه الجمارك، و إذا اعتبرنا تجميع السيارات صناعة، فيمكن للحكومة دعمها بطرق أخرى تسمح بوجود المنافسة البناءة و ليس الاحتكار البغيض.
إطلع على كتاب التجارة العادلة (نظرة إلى أحوال العالم اليوم) كي تحصل على معلومات أوفر عن التجارة و تأثيراتها على العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق