بعد صيف العام الماضي 2008 فوجيء العديد من فلاحي مصر بمواجهات قضائية من قبل الزراعة و أخرى من قبل الري. كانت تلك القضايا المرفوعة ضد الفلاح المسكين خصوص مخالفته الدورة الزراعية و قيامه بالجرم المشهود و زراعته لمحصول الأرز، ذلك الأرز المصري لمن لا يعرف هو الشيء الوحيد أو على الأقل من الأشياء المعدودة التي فلحت فيها مصر و نجحت و له سوقه و طالبيه حول العالم أجمع، و تعتبر مصر فيه - على غير عادة - من كبار منتجيه و مصدريه. أما ري فقد أقام دعاوى غريبة من نوعها و أكاد أن أؤكد أنها لم تحدث لأي فلاح مصري منذ عهد الهكسوس المحتلين أو قبله أو حتى بعده، و هي قضايا تبديد مياه وذلك في إطار ارتكابهم الخطيئة المخرجة من جحيم القطن و زراعتهم الأرز.
نحن هنا لم نتناول قضايا حرق قش الأرز و محاضره و التي تنضم في سياق أخوتيها السابقتين في سلسة نهش و تمزيق الفلاح المهلهل أساساً، لدرجة أن أحد فلاحي السنبلاوين و قد كان واقفاً أمام القاضي القاهري الذي حكم عليه بمبلغ ثلاثة ألاف جنيه غرامة على حرقه قش الأرز، قال للقاضي " إسجني يا بيه...!!! "، و لولا تدخل جمهرة من المحامين لدى القاضي و ايضاحهم له أن ذلك الفلاح و إخوانه من الفلاحيين تحتار حيلهم و تخور عزائمهم في سبيل التخلص من قش الأرز و لا يجدون مفراً و لا سبيلاً إلا حرقه في حقولهم، فقد تعطف القاضي و خفض الغرامة إلى ألف جنيه واحد.
لم يكتفي مسئولي فلوتة مصر عند هذا الحد الشنيع، بل تمادوا تنكيلاً بفلاحي مصر، و ذلك من خلال فرضهم للقيود و المعوقات على صادرات الأرز المصري، و التي تعد حرباً صريحة على الفلاح المصري و مقدراته و عرقه. إن مناوشات عابرة من مثل هذه الحرب، لو تم تطبيقها على الفاسدين أولي الحظوة من المحتكرين؛ لتطهرت البلاد و العباد من فسادهم و نهبهم المنظم لمقدرات هذا البلد. الكيل - ليس بمكيالين - بمكاييل متعددة بين كبار " رجال الأعمال " و الفلاح البسيط هو أساس من أسس التلف و البوار. فلهم يكون الاقتصاد حراً و سياسات السوق و العرض و الطلب و الاعفاءات و السماحات و حتى تفصيل القوانين لتناسبهم، أما للفلاح فلا لاح له صباح او براح، و يضيق عليه من كل جانب و تسدد في وجهه الأبواب و يدهس بل يسحق.
السؤال هل أمثال تلك القضايا تتعارض مع الدستور المصري؟ أين هي المساواة بين المواطنين؟ أين هم محاموا مصر؟ ألا يعرفون إلى المحكمة الدستورية طريقاً؟ أم فلاحي مصر في حاجة إلى تنظيم نقابي قوي و فعال للزود عن آمالهم و مقدراتهم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق