إنها حقيقة مؤكدة سواءاً من خلال النظر و التمعن في أحوال و تواريخ الناس المحيطين في المجتمع، أو من خلال القرآن الكريم، و هي حقيقة نفع تقوى الوالد لذريته و بقائها بركة عامرة لهم في الدنيا تشد من عضدهم عند الشدائد و تدفع عنهم غير قليل من البلاء. تتجلى تلك الحقيقة من قوله تعالى في سورة النساء " وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا ". هنا يتبين لكل عاقل أن سبيل حماية ذريته المضمون و اﻷكيد هو تقوى الخالق عز و جل.
إذا ما عرجنا قليلاً في رحاب سورة الكهف سنجد دليلاً آخر مشيراً لهذا الوعد، و ذلك من خلال قصة نبي الله موسى مع العبد الصالح و التي احتوت على ثلاثة فصول من أول المساكين أصحاب السفينة و إعطابها، مروراً بالوالدين المؤمنين و قتل ابنهما، و انتهاءاً بالغلامين اليتيمين و إقامة حائطهما في المدينة البخيلة. إن الفصلان اﻷولان من هذه القصة الرائعة تختتم تفسيراً بحال أو رغبة من العبد الصالح في ففعل تلك اﻷمور، و هذا على النقيض من فصل الغلامين اليتيمين حيث أن الله هو الذي أراد إقامة الجدار لهذين الغلامين؛ فسواءاً قابلهما العبد الصالح أو لم يقابلهما لكان حمى الله بأي سبب آخر هذا الجدار ليبلغا منه نفعا. تمعنوا في الآية "وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق