08 أغسطس 2009

كارثة شركات الأدوية

الدواء به سمٌ قاتل

أغلب شركات الأدوية العاملة في مصر، و أكرر أغلب و ليس الكل، بمنظور مجرد للأشياء ما هي إلا شركات تعبئة و تغليف، و هذا في حد ذاته ليس عيباً أو سبة. الكارثة هي الموبقات التي تقع فيها أغلب تلك الشركات في إطار تعاملها مع سلعة هامة و حيوية مثل الدواء، و ما يترتب عليه من أمن و أمان الناس في صحة و سلامة أجسادهم. خلال خبرتي، المتواضعة جداً، من العمل لدى مصنعين من مصانع الدواء في مصر؛ استخلصت أن أغلب شركات الأدوية تقع في أو ترتكب واحدة أو أكثر من الموبقات الثلاث التالية:

  1. الإهمال أو الانحراف المتعمد عن تطبيق معايير التصنيع، عموماً، و الدواء خصوصاً، بشكل صارم و حاذق مما يشكل مخاطر عن مطابقة المنتج للمواصفات السليمة و يجعله أكثر عرضة لسوء أو عدم الفاعلية. يتضمن ذلك عدم تقيد المصانع بخطط و جداول انتاج واضحة، استجلاب خامات دون المستوى، التخبط الإداري، و العديد من مثل هذه الأمور التي قد تهدد أي صناعة في جودتها و سلامتها.
  2. الغش و التدليس المتعمد سواءاً باستخدام خامات رديئة أو حتى منتهية الصلاحية، بالإضافة إلى التلاعب في تركيزات المواد الفعالة أو حتى كميات المنتج النهائي، و سواءاً ذلك عن عمد أو كنتيجة لعدم تطبيق معايير التصنيع الجيد.
  3. سوء و عدم مناسبة أساليب تخزين و تداول المنتج النهائي؛ فلكم أن تتخيلوا نقل مضادات حيوية و فيتامينات خلال صيف مصر الحار و المشمس من القاهرة إلى صعيد مصر على سيارات مكشوفة و إذا تم تغطيتها فيكون بواسطة غطاء من القماش أو حتى داخل صناديق معدنية غير معزولة حراراياً، لو قدر لشخص أن يترك فيها و هي مغلقة طوال فترة الرحلة لا نعلم إن كان سوف يخرج حياً أم لا؟!
الحق يقال، فإن وزارة الصحة لا تدخر جهداً في الرقابة و التفتيش على مصانع الدواء في مصر، و لكن للأسف ذلك الجهد مآله إلى بوار، لأن أي لجنة تفتيش يكون ميعاد وصولها معلوماً من قبل و لا تعدم الشركات الوسائل لتضليل و خداع المفتشين، هذا إن افترضنا حسن النية في المفتشين و المراقبين، و عليه فإن عمليات التفتيش و في الغالب لا تحقق المراد منها بشكل مرضي.

أعتقد أنه على وزارة الصحة تفعيل وسيلة رقابية جديدة في مصانع الدواء، هذه الوسيلة أدعوها، الرقيب المقيم و هي تتلخص في وجود رقيب دائم الحضور و التواجد داخل المصنع و له حرية التجول و الاطلاع على كافة الأمور الانتاجية و ما يتعلق بها داخل المصنع في أي وقت؛ على أن تكون هذه الوظيفة اعتبارية و ليست اسمية، بمعنى أن الشخص الرقيب يجب تغييره في المصنع الواحد بشكل عشوائي ، سواءا في المكان أو الزمان، و دون علمه و يمكن تواجد أكثر من رقيب في ذات الوقت؛ على أن تكون مسئولية تغيير و تحريك هؤلاء الرقباء أو المفتشين من المسئوليات المباشرة لوزير الصحة شخصياً. أعتقد أن إضافة مثل هذه المهمة إلى عاتق وزير الصحة، لا تمثل شيئاً مهولاً أو مستحيلاً و خاصة و نحن نعيش عصر الثورة التقنية و المعلوماتية، حيث يمكن لبرنامج حاسب بسيط تعيين انتقالات و تحركات هؤلاء الرقباء بواسطة السيد الوزير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


بحث مخصص