نسمع في الآونة الأخيرة حديث كثير عن مياه حوض النيل و الاتفاقية المبرمة بين دول الحوض لتنظيم توزيع و جريان حصص ماء النهر فيما بينها و رغبة تلك الدول في الوصول إلى حل نهائي لبعض القضايا العالقة.
الذي يجب ملاحظته للوهلة الأولى عند سماع حديث لأي طرف خبير بأمور مياه نهر النيل من أي دولة من دول حوض النيل، أنه لا توجد أزمة أو شح مياه يخص النيل، و خصوصاً في دول المنابع. إن كافة دول المنابع قد يصل الأمر فيها إلى حد المعاناة من الوفرة المائية التي لديهم! إذا فالسؤال المطروح أين بالضبط جوهر المشكلة التي يجتمع لها مسئولي المياه في دول حوض النيل و ينفضوا دون أن يصلوا إلى اتفاق و ما نسمعه عن خلافات؟
بغض النظر عن الاعلانات الرسمية عن تلك المشكلات؛ فمن وجهة نظري، أن مشكلة دول حوض النيل الرئيسية تبدأ من خارجه و في أقصى الشمال عند إسرائيل. إن إسرائيل و منذ فترة تتغلغل محاولة السيطرة و فرض النفوذ على دول المنابع في حوض النيل، و ذلك بغرض الضغط الإستراتيجي على مصر، او لمحاولة توفير مياه خاصة بها. كما يعلم الجميع، فإن الاتفاقية المعمول بها الآن تحظر على كافة دول الحوض تصدير أو إخراج مياه النيل خارج حدودها، و بسبب هذا الأمر؛ فإن إسرائيل تزج و تضغط على دول المنابع لنهر النيل من افتعال خلافات واهية الأركان، و أن الهدف الأساسي هو السماح لتلك الدول بتصدير مياه النيل، و بالطبع لن يكون هناك مستورد سوى إسرائيل، و بالطبع أيضاً لن يتم نقل هذه المياه بناقلات عملاقة مكلفة، و الأنسب هو أن تنساب مياه النيل عبر مصر مروراً بترعة السلام عبر سيناء وتنتهي إلى فلسطين المحتلة و المستوطنات.
قد يكون اليوم لن يختلف عن الغد، و كما يحدث من تصدير غاز مصر إلى إسرائيل، فلا يمكن أن نستبعد تصدير ماء النيل إلى إسرائيل عبر مصر. يبدو أيضاً أن عنصراً من عناصر تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل ما هو إلا تدريباً و تهيئة للمصريين نحو قبول ذلك الوضع الشاذ و غير القانوني. الماء أهم لإسرائيل من الغاز و الحصول عليه أصعب من الغاز.
يجب على القيادة المصرية أن تكشر عن أنيابها بعض الشيء تجاه دول منابع حوض النيل، فمسئلة مياه النيل و حصة مصر منه و زيادة هذه الحصة، ما هي إلا مسئلة حياة أو موت. يجب أن يفهموا أننا سوف نقتل قاتلنا قبل أن نموت. هذا لا يعني إلغاء مبدأ الحوار و العلاقات الودية و لكن يجب أن يكون الخيار الأسوء مطروحاً. يجب أن تضغط مصر و بقوة تجاه مشروعات تنمية موارد نهر النيل المائية من قبيل استكمال قناة جونجلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق