عندما كنت طالباً في الجامعة، كانت تقوم بعض جماعات النشاط الطلابي - الأسر الطلابية - و في بعض المناسبات بإقامة فعاليات و نشاطات من قبيل المعارض الفنية و مجلات الحائط التي تخوض في غمار المناسبة المعنية. أتذكر أن بعض زملائنا في أسرة ابن سينا، و هي أسرة تمثل طلاب الأخوان المسلمين في كلية العلوم، أقاموا معرضاً يبين تاريخ العدو الصهيوني الدموي و أغرق ذلك المعرض في عرض صور الهزائم و قتلى جيوشنا و الدمار الذي أحدثه ذلك العدو في مدننا و ما شابه.
عندها كان لي تعليق وجهته إلى زملائي، و كانت وجهة نظري تتمركز على أن أوضاعنا المعنوية في الأساس تقبع في حالة من التدهور و السوء، و ليس من الواجب في مثل هذه الظروف الضغط و الاتكاء على مظاهر الهزيمة و الانكسار؛ و إنما يجب أن نحاول الاستنارة بمواضع القوة و تواريخ الكرامة حتى لا نساهم عن دون قصد في انجاح الحرب النفسية المستمرة و الدؤوبة من قبل العدو المستهدفة كسر الروح المعنوية و تحطيم روح المقاومة. فعلاً قد استجابوا زملائنا لهذا الطلب في معرضهم التالي.
دفعني للكتابة حول شئون الدعاية المعنوية، هو مروري من خلال موقع Youtube على مثالين يوضحان ما أعنيه ببلاغة شديدة و بشكل مقارن يوضح القصد. المثالين عبارة عن فيلمين مصورين على خلفية نشيد " الله أكبر فوق كيد المعتدي " و الذي كان من تأليف الشاعر عبدالله شمس الدين و تلحين محمود الشريف و الذي اشتهر أثناء العدوان الثلاثي على مصر أو ما عرف غربياً " حرب السويس " عام 1956 و الذي أصبح فيما بعد النشيد الوطني للجماهيرية الليبيا.
هذان المثالان بجدارة يوضحا فوز جدير لأسلوب الدعاية المعنوية لحزب الله في لبنان؛ حيث ركز على مظاهر قوة المقاومة و عنفوانها و سلط الضوء على ضعف العدو و انكساره مما يشكل لبنة أساسية في رفع معنويات المشاهد و أكسب زخماً إيجابياً لكلمات و موسيقى النشيد. على الصعيد الآخر يأتي أسلوب دعاية حماس في غزة، و بنفس النشيد و الموسيقى، و لكنه فشل في اختيار الصورة التي تبني على و تدعم ما قدمه النشيد من حفز معنوي لتحول التأثير على المشاهد في أحسن الأحوال إلى لا تأثير ما لم تكن لتنتقص من معنوياته أصلاً، فقد كان هناك تركيز على مظاهر الشهداء الأبرياء و الدمار الحاصل في غزة و التي كان من الأولى في هذا المقام أن يتم تجنبها و التركيز فقط على مصادر القوة و الفخار.
قد يقول قائل، أنه يجب أن تكون هناك مصداقية في العرض و توضيح الوضع على حقيقته، و إليه أقول، أن لكل مقام مقال، و هذا ليس مقام عرض للقضية بمجملها و لكنه مقام حفز و تحريض لمعنويات قد يحبطها تجبر العدو و تسلطه و عليه فوجب إرساء المبدأ القرآني " وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ". أترككم الآن مع عرض للمثالين:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق