25 يونيو 2009

كودجين كودجين

بعد أن حصلت على أول جهاز كمبيوتر خاص بي و كان ذلك في شهر سبتمبر من العام 1997 و أتذكر وقتها أجواء حادث الأميرة ديانا، المهم، هو أني عكفت على اكتشاف مشاكل هذا الكمبيوتر، و قد كان بحق خير معين لي في استكشاف عالم عتاد الكمبيوتر؛ لأنه كان عبارة عن صندوق من المشاكل، و كان أيضاً بمواصفات أساسية جداً في وقتها يعني ذلك عدم وجود امكانية تشغيل صوت او اسطوانة أقرص ضوئية او حتى موائم اتصال - مودم - إختصاراً لم يكن هناك إلا لوحة المفاتيح و الشاشة و الفأرة و نظام تشغيل ويندوز 3.11 المنطلق من دوس.

كثرة المشكلات و تعددها، حقق مقولة " الحاجة أم الاختراع " و دفعني للسؤال و الاستفسار لدى الأصدقاء و المعارف ممن يملكون كمبيوترات قبلي، و قد كانوا وقتها معدودين إلى حد بعيد، بحيث كان أقرب صديق ارتاح إليه في السؤال يسكن في أبوكبير و أنا في كفرصقر، و كان هذا الصديق و يدعى عاطف يمثل مصباح التقنية و منارة تنجدني في كثير من الأحيان من متاهات مشاكل كمبيوتري، هو الآن يعمل صيدلاني في المملكة العربية السعودية. أدى كل ذلك إلى تكون حصيلة من المعارف حول عتاد الكمبيوتر و حل مشاكلها بجانب اطلاعي و مداومتي على إصدارات مجلة بي سي مجازين العربية، جعلت مني في اعتقاد جيراني و اصدقائي في كفرصقر، خبيراً مبجلاً في الحاسب و الكمبيوتر!

طبقاً لهذا السياق، كان يسألني من يريد شراء كمبيوتر من الأصدقاء عن أفضل مواصفات يمكنه الحصول عليها و أفضل أنواع من العتاد حتى يتمكن من تجميع كمبيوتر ممتاز. حيث أني قد توصلت إلى قاعدة مفادها أن أغلب مشاكل الكمبيوتر الذي يعمل، تنبع من مشاكل مرتبطة بمصدر الطاقة Power Supply حيث أنها تؤثر مباشرة على كفائة القرص الصلب و سلامته وكذا اتزان نظام الحاسب ككل حال وجود خلل او ضعف من امدادات مصدر الطاقة إلى أجزاء الكمبيوتر. ربطاً للعديد من مشكلات أصدقائي، توصلت أيضاًأن أغلب من لديهم مشكلات في أجهزتهم و خصوصاً تلك التي يكون فيها مصدر طاقة من نوع يدعى كودجين Codegen حيث أن أغلب أقراصهم الصلبة معيبة و الأجهزة غير مستقرة، فقد اصدرت توصية حينها تنص على " اشتري لكمبيوترك أي مصدر طاقة غير كودجين "فيسألون أي مصدر طاقة افضل منه، فأجاوب قائلاً " لا أعرف، و لكن ذلك الكودجين اثبت انه سيء ".

دارت الأيام و السنون استوفى كمبوتري الأول الأجل و حانت ساعة شراء حاسب جديد. وقتها قررت أن يكون مبني على معالجات AMD و ذلك على عكس النسق السائد وقتها و الذي كان يحبذ معالجات Intel و لكني آثرت AMD لتوفر لوحاتها الأم في ذلك الوقت - الربع الأول من عام 2002 - في مصر على امكانية تشغيل ذاكرات من معيارية DDR و التي كانت حديثة في ذلك الوقت و كانت تبشر بأن مصنعي الحواسب سوف يتجهون إليها في المستقبل القريب، و بالفعل هذا قد نفعني لاحقا عندما اردت ترقية سعة الذاكرة، فلم أعاني بحثا عن المعيارية الأقدم SDRAM.

أثناء تحاورنا مع البائع في ذلك اليوم و بعد اتفاقنا على كافة أجزاء الحاسب الجديد، جاء دور مصدر الطاقة؛ و كان جالسا معي صديق يرافقني في جولة الشراء، تحدث البائع عن مصادر الطاقة المتوفرة عنده و عندما نطق بكلمة كودجين، استدعيت القاعدة التي رسمتها، و انطلق الرفض من حنجرتي سريعاً بقولي " كودجين لا لا " فرد البائع مستعجباً " لما لا ، انه نوع جيد و استخدمه في كافة الأجهوة التي أجمعها، و أشار إلى جهز يجمع حديثا لزبون آخر و يقومون بتنصيب نظام التشغيل عليه، وقال هذا مثلاً فيه كودجين " دقيقة واحدة و نحن نتحاور، و إذ بذلك الجهاز الذي قد أشار إليه تنبعث منه أدخنة كثيفة، فما كان مني و من صديقي إلا أن أشرنا إلى بعضنا صائحين " كودجين كودجين ... هها هها..." و بالطبع هرع البائع إلى ذلك الحاسب المسكين ليطفيء الحريق.

طبعاً قد تكون هذه الحكاية بمثابة صدفة بحتة حدثت، و لكنها تعكس بصدق كلمة " محاسن الصدف " و قد لا يكون سبب هذا الدخان عيب في مصدر الطاقة، بل يمكن أن يكون خطأ في التوصيلات أو ما شابه، و لكنها و بحق كانت من أظرف المواقف و الصدف التي قابلتها في حياتي، و قد تمت في نهاية عملية الشراء من ذلك البائع، و ذلك هو الحاسب الذي أكتب من خلاله هذه السطور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


بحث مخصص