28 يونيو 2009

نظرة في التحرش

نقصد هنا التحرش الجنسي، و الذي دعاه البعض بظاهرة خطيرة تنم عن تخلف المجتمع و اضمحلال وعي الشباب، باعتباره الشريحة الأكبر التي يدور حولها و بسببها هذا الموضوع. من وجهة نظري أعتبر قضية التحرش هذه تنبع من جهة تعاطينا - كمجتمع - الخاطئة لكافة أمور حياتنا، و ليست حكراً فقط على الأمور الجنسية و الغريزية.

نحن في العادة كمجتمع نهمل منطق و فلسفة الأمور، و نميل إلى البعد عن الفواصل و الحدود بين الأشياء، كما يميل من لا يعشق الفواكه إلى الكوكتيل. عند متابعة كافة، أو على الأقل أغلب، أمور حياتنا و تصرفاتنا فيها، قد نجد انفسنا كمن يقرأ سطر و يترك الآخر، و لا نأخذ ما ورد في صفحات كتاب الحياة و منطقها بكامل محتواه.

قد يتحدث المتحدثون عن الحرية و عن عدم تقييد المرأة و كذا الرجل، كما تتحدث عنها المجتمعات الغربية. طيات هذا الحديث تحمل قراءة لسطر و ترك لآخر؛ ففي مجتمع غربي، إذا رأى ذكر أنثى و أثيرت غرائزه بها؛ فبكل بساطة و بدون حرج أو لوم، له أن يعرض عليها و بشكل مباشر، ممارسة الجنس معه، و لها أن تقبل أو ترفض بكامل حريتها. هذا ما يحدث و لو حتى بمنظور مجرد. أما هنا في مجتمعنا، فمجرد أن تنظر إلى فتاة ارتضت أن تعرض ما يمكن النظر إليه يعد عيباً! و الأكثر من ذلك، أن جنحة هتك العرض ممكن أن تكون مصيرك المحتوم كرجل لو تقدمت، و بكل أدب و ذوق، إلى هذه العارضة بعرض ممارسة الجنس.

أتعجب كثيراً ممن يطالبون بتشريع قانوني خاص حول التحرش، و هناك تشريع قائم بالفعل- هتك العرض-، و يتركون و لا ينظرون إلى الفعل الفاضح في الطريق العام، و الذي تقدم عليه إناث كثيرة و بصفة اعتيادية، بواسطة تلك الملابس الفاضحة. أتعجب أكثر ممن يمترأون ملابس أولئك النسوة المخالفة للشرع، و ينكرون حق من يثيرونه في عرض طلب مهذب لهن بالزنا، يرفضونه أو يقبلونه بكامل حريتهن!

نحن في مجتمع مسلم محافظ، و نفخر بذلك، ومن الواجب أن نعمم أصول الأشياء و نمارسها بموضوعية، دون انتقاء أو كيل بمكاييل متعددة. قد أمر الإسلام المرأة بستر جسدها بطريقة معينة، إذا فمن الواجب الالتزام. قد أمر الإسلام الرجل بغض بصره، إذا فمن الواجب التنفيذ أيضاً؛ لكن أن نترك كل يسير على هواه، و بعد أن تخلط الأمور و تتلف التصرفات، و نرجع ذلك الأمر لفساد أو تلف شخص أو شريحة بعينها، فهذا تسطيح و بعد عن جوهر المشكلة، و هو فساد منطق المجتمع ككل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


بحث مخصص